2011/03/18

زيارة عباس لغزة ... وما وراءها ... رأي شخصي

أود في البداية أن أؤكد على أن ما أكتبه هنا هو تعبير عن رأيي الشخصي لوحدي، وهذا الرأي لا يمثل أي جهة من الجهات.

الرئيس الفلسطيني (محمود عباس) أعلن قبل أيام عن استعداده لزيارة قطاع غزة خلال الأيام القليلة القادمة لإنهاء الانقسام، داعيًا رئيس الوزراء الأخ (إسماعيل هنية) لإجراء ترتيبات زيارته، واستقباله في معبر بيت حانون بالتنسيق مع فصائل العمل الوطني والفعاليات الشعبية.

فهم البعض أن هذا الإعلان جاء استجابة لدعوة الأخ (هنية) للبدء في حوار فوري وجادّ لإنهاء الانقسام، ولكن هل هذا هو الواقع؟؟

في البداية يجب أن نقرأ بدقة ما قاله (عباس)، فهو قد أعلن استعداده للذهاب إلى غزة من أجل:

1. تشكيل حكومة من شخصيات وطنية مستقلة

2. التحضير فورا لانتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني خلال ستة أشهر تحت رعاية الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.

كما أن عباس شدد في كلمته على انه لن يذهب لغزة للحوار مع حماس؟!!

إذًا فـ (عباس) لا يريد الحوار، وإنما يسعى لتحقيق ما يسميه زورًا وبهتانًا انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف دولي.

وهذا هو ما أكده الناطقون باسمه، الذين تقوم وظيفتهم على تفسير تصريحاته، فأمين سر المنظمة (ياسر عبد ربه) قال في تصريحات لتلفزيون فلسطين الرسمي:"الرئيس أكد أنه ذاهب إلى قطاع غزة ليس من أجل الحوار، وإنما من أجل إنهاء الانقسام والمباشرة بخطوات عملية، بتشكيل حكومة وفاق وطني من شخصيات وطنية ومستقلين، تحظى برضى الجميع، وبعيده عن الفصائلية".

أما رئيس كتلة فتح البرلمانية (عزام الأحمد) فقد صرح لـ (القدس العربي) بأنه "لا علاقة لمبادرة أبو مازن بدعوة هنية إطلاقا، وتختلف جذريا عما تقوله حماس بأن توجه أبو مازن لغزة جاء استجابة لدعوة إسماعيل هنية، أبو مازن قال بشكل واضح: أنا ذاهب لتشكيل حكومة وليس للحوار".

ما المغزى من كل ذلك:

يجب أن نعلم – بدايةً – أنه لا يمكن معالجة أعراض أي مرض دون معرفة أسبابه ومعالجتها، فالانقسام مجرد عَرَضٍ لمرض نخر في جسد الشعب الفلسطيني، فهو كالصداع الذي يرافق مرض ارتفاع ضغط الدم، لو أخذت له كل المسكنات فلن تفلح ما لم تعالج المرض الأصلي وهو ارتفاع ضغط الدم، فهل مشكلة الانقسام متعلقة بـ (تشكيل الحكومة) و (إجراء الانتخابات) كما يزعم عباس وفتح؟؟ أم أن سبب الانقسام شيء آخر؟؟

الكل يعلم بأن مشكلتنا ليست في ذلك، بل مشكلتنا في عدم إيمان فتح وعباس بـ (الرأي الآخر ومبدأ تداول السلطة)، وهذا هو الذي سبب انقلابهم على الشرعية التي نالتها حماس في انتخابات سنة 2006م، والتي كانت حرة ونزيهة بشهادة الجميع، وهنا يجب أن نلاحظ أن عباس توجه بدعوة (هنية) لاستقباله خلال ممارسته مهامه كرئيس فلسطيني باعتبار (هنية) قياديا في حماس، وليس رئيس وزراء الحكومة التي نالت ثقة المجلس التشريعي.

كما أن من مشاكلنا المستعصية استلقاء فريق أوسلو في أحضان الصهاينة والأمريكان، ولو أدى ذلك إلى إراقة دماء أبناء شعبهم وإلى محاربة الشرفاء والمجاهدين.

ومن مشاكلنا ذلك الفساد المستشري في أجهزة السلطة، والذي يجعل أصحابه خائفين من كل ما من شأنه فتح الطريق لمحاسبتهم على جرائمهم ضد الشعب.

وهناك الكثير من المشاكل المنبثقة عما سبق لن أستطرد في استقصائها، ولكني أجزم أن مشكلتنا لن يتم حلها بإجراء الانتخابات وتشكيل حكومة مستقلين.

وهناك سؤال يطرح نفسه: لماذا هذا الإصرار الغريب من عباس وفتح على موضوع الانتخابات في هذه المرحلة؟؟؟ هل أصابتهم نوبة من (الديمقراطية)؟؟؟ أم أنهم ينوون – كما يظن البعض – تزوير الانتخابات، وهم متأكدون أن العالم سيسكت عن تزويرهم ليعطيهم الشرعية التي يفتقدونها.

أنا شخصيًا أظن أن الانتخابات لو حصلت فلن تزور بالطرق التقليدية للتزوير، تلك الطرق التي كان يستخدمها حكام العرب المدحورين، ولكن التزوير سيحدث بطريقة أخرى،،،

التزوير التقليدي يقوم أساسًا على تغيير صناديق الاقتراع، وإدلاء الموتى بأصواتهم، ... الخ.

لكن هناك نوعًا آخر من التزوير يقوم على أساس

· فرض الرعب في المجتمع من التصويت لجهة معينة تحت طائلة الملاحقات الأمنية، وهذا ما يحصل عندنا في ضفة الأحرار المقهورين.

· ومن عناصره تغييب المؤهلين للترشح من غير المرغوبين في غياهب السجون، وقد ابتلينا فوق سجون الاحتلال بسجون ذوي القربى.

· وكذلك تغييب العناصر والكوادر - من أبناء التنظيم والمناصرين- الضرورية لإدارة أي عملية انتخابية، وهؤلاء عندنا إما معتقلون أو ملاحقون.

إن أي عملية انتخابات حرة ونزيهة لا يكفي لها أن لا يتم تغيير صناديق الاقتراع، بل لا بد لها من أرضية مهيئة من أجواء الحرية التي تسمح للراغبين بالتعبير عن آرائهم ومواقفهم دون خوفهم من الملاحقات الأمنية.

بالملخص أقول (وهو رأيي الشخصي كما سبق وأكدت) إن استعداد عباس لزيارة غزة بشروطه إنما هو فخ يريد منه الوصول إلى نقطة يستطيع معها إجراء انتخابات لم تتهيأ لها الظروف، تحت سياط الأجهزة الأمنية المنسقة مع الصهاينة، والوالغة في دماء أبناء الشعب، إن إنهاء الانقسام يتطلب إنهاء مسبباته من عدم القبول بنتائج انتخابات 2006، والتنسيق الأمني، والانبطاح في أحضان أعداء الأمة والشعب،.... الخ.

2011/02/05

أيها الباكي الشجاع ... صبرًا ... فالنصر قريب

أيها الباكي الشجاع ... صبرًا ... فالنصر قريب

رغم أن الرغبة راودتني عدة مرات خلال الأيام الماضية للتعليق على ما يجري في مصر الإسلام والعروبة إلا أنني رجحت - لعدة أسباب - الاكتفاء بالمتابعة المستمرة لما يجري، مع الدعاء الدائم لأن يحفظ الله شباب مصر وشعب مصر ويديل الظالمين ومن معهم، غير أني قررت أن أكتب هذه الكلمات للتعبير عن الشعور الذي انتابني هذا الصباح وأنا أستمع إلى الدكتور الطبيب خالد حنفي، وهو مدير لمستشفى ميداني بميدان التحرير، ميدان تحرير الأمة من عقدة الخوف والاضطهاد.

كان د. خالد يروي للجزيرة مشاهداته، والعبرات تخنقه، ثم يتماسك، وبعدها يغيب كلامه وراء صوت بكائه.

سمعته يروي: أن عددًا من المصابين من أشبال مصر الكنانة الجرحى على يد بلطجية النظام كانوا يرفضون نقلهم للعلاج بسيارات الإسعاف لئلا يغادروا ميدان العزة والصمود.

وسمعته يقول: أنهم في المستشفى الميداني عالجوا أحد أبطال مصر أربع مرات، وكلما كان يعالج كان يعود لمنقطة المواجهات ليدافع عن عزة الأمة كلها – وليس مصر وحدها - وكرامتها وحريتها، فيصاب ثم يعود فيعالج، ويعود لميدان الدفاع عن الأمة.

وسمعته يعلن أنه ومعه 35 طبيبًا و60 مسعفًا و100 مساعد طبي لن يتركوا هؤلاء الشباب الذين رفعوا رأس مصر.

أخي د. خالد:

رغم أنني لا أعرفك، ولم أسمع بك قبل هذا الصباح إلا أنني أقولها لك باسمي واسم الكثيرين من شعب فلسطين ومن أمة الإسلام: إنا نحبك في الله، بل ونحب كل هؤلاء الأبطال الذين رفعوا رأس الأمة كلها إلى عنان السماء.

أخي الحبيب، حفظك الله أنت ومن حولك:

أتدري ما قراءتي لدموعك التي هزت مشاعرنا، ولصوت بكائك الذي استدعى دموعنا؟؟

أنا أعلم أن البعض قد يظن هذا البكاء ضعفًا، ويخجل منه، فقد تربى الكثيرون منا على فكرة أن البكاء للنساء، لأنهن ضعيفات، وأن الرجال لا يبكون، ولكن هؤلاء قوم ما عرفوا ولا ذاقوا، ولو عرفوا وذاقوا لعلموا أنه لا يبكي إلا من كان رقيق النفس، حيَّ الشعور، رحيم القلب، ومن كان كذلك فهو الذي يملك مؤهلات الحب، والمحب هو أكثر من يستطيع أن يضحي لأجل من يحب، ولا يقدر على التضحية إلا الشجعان.

البكاء ضعفٌ من ناحية، ورقَّةٌ من ناحية، ولكنه قوةٌ من ناحية أخرى، انظر إلى المرأة التي يستخدمونها رمزًا للضعف والرقة، تبكي لأقل ألمٍ يصيب طفلها، ولكنه إذا تعرض للخطر انقلبت إلى لبؤة ضارية تدافع عنه ولو بروحها.

استشهد حمزة بن عبد المطلب، فبكى سيدي وحبيب قلبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وانسكبت دموعه الغالية، ومات إبراهيم ابن سيدنا رسول الله صلوات ربي عليه، فبكى – بأبي هو وأمي - ، وزار عليه صلوات الله وسلامه قبر أمه، فجلس على شفير قبرها وبكى، وبكى معه المسلمون فما رئي بكاء أكثر من يومئذ، ولم يكن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ضعيفًا، بل كان سيد الشجعان.

الشجاع الرحيم – مثلك أخي د. خالد حنفي – يرى مصائب الأمة، يرى جراحاتها النازفة، فيرتجف قلبه، وتدمع عينه، بل قد ينشج نشيج الثكلى، ويعلو صوته بالبكاء – كما فعلتَ أنت -، وبعد ذلك ينقلب هذا البكاء غضبًا على الأعداء والطغاة، ونارًا تحرقهم.

وعن نفسي أحدثك: لقد بكيتُ في حياتي مراتٍ لا يمكن إحصاؤها، ومع ذلك كنت أجد نفسي بعد أن أبكي: أقوى، وأشدَّ عزيمة، وأقوى شكيمة، وأكثر إصرارًا على السير في طريق المصاعب الشاق.

نعم، إنها الحقيقة، لا يبكي بكاء الرجال إلا الرجال الشجعان، مثلك أخي د. خالد حنفي، وليس أي رجال.

فتحياتي لك أيها الباكي الشجاع.

2011/01/08

جنازة القواسمي والتغطية المنحازة لقناة الجزيرة

عدت على المنزل أمس عند صلاة العشاء بعد يوم حافل، شاركت فيه أنا والإخوة النواب الإسلاميون في محافظة الخليل يرأسنا د. عزيز الدويك في جنازة الشهيد عمر سليم القواسمي الذي سقط على يد الغدر والخيانة خلال اعتقال المجاهد وائل البيطار، وكان واضحًا من مجريات الأحداث أن المقصود كان اغتيال البيطار، ولكن إرادة الله شاءت أن يكتب الشهادة للحاج عمر، ابن الـ 66 عامًا، وقمنا بعدها بزيارة تضامنية لبيوت الإخوة المجاهدين الذين أفرجت عنهم الأجهزة الأمنية واعتقلتهم بعدها بأقل من 12 ساعة سلطات الاحتلال، وقد حصلنا خلال هذه الزيارة على جرعة عالية من المعنويات، من آباء وأمهات هؤلاء المجاهدين الأبطال.

المهم، جلست لاستماع نشرة الأخبار، وكالعادة فمصدرنا الأول الذي نثق عادة بأخباره وحياديتها هو قناة الجزيرة، ولكنني – وللأسف – أصبت بحالة من الإحباط وارتفاع الضغط بسبب المستوى الذي وصل إليه انحياز مراسلي هذه القناة وانعدام حياديتهم، وهم يعملون في قناة شعارها (الرأي والرأي الآخر).

التقرير الذي أعدته شيرين أبو عاقلة حول جنازة الشهيد كان مضللاً بشكل كبير، وكان يحمل إيحاءات مقصودة، أظهرت الجنازة وكأن المشاركين فيها هم عناصر فتح، وكأن الشهيد محسوب على فتح.

لا أقول إن عناصر فتح لم يكونوا موجودين، فالنسيج الاجتماعي عندنا متشابك، والفتحاوي والحمساوي يعيشان في بيت واحد في كثير من الحالات، ولكن انظروا ما الذي حضر في التقرير المذكور وما الذي غاب:

ظهر في التقرير بعض الأشبال يحملون رايات فتح الصفراء، لعل عددهم كان لا يتجاوز العشرين من بين عدة آلاف من المشاركين، ثم ركز التقرير على (بوستر) للشهيد تنعاه فيه حركة فتح، وبالطبع فراياتنا الخضراء، رايات التوحيد كانت غائبة بالإكراه، كما يعرف الجميع بسبب ما نعانيه في الضفة، أما إمكانية أن يكون هناك (بوستر) للشهيد تنعاه فيه حركة حماس فهو أمر يعدّ قريبًا من المستحيل في وقت تشدد فيه الرقابة على كل المطابع لئلا تقع في هذه الجريمة النكراء، جريمة طباعة شيء لحماس.

ليس المنتقد إظهار صورة الرايات الصفراء والتركيز عليها، ولا إبراز البوستر الفتحاوي، فهي أشياء كانت حاضرة في الجنازة، ولكن الغريب من مراسلي قناة مستقلة غير محسوبة على فريق دون فريق أن لا يظهروا إلا جانبًا واحدًا مما كان في الجنازة في تقريرهم الإخباري.

منذ أن خرجت الجنازة من باب المسجد، كانت هتافات آلاف الشباب وهم يعلون أصواتهم ( الله غايتنا، والرسول قدوتنا ....)، وهم يهتفون لكتائب القسام ولحماس، تملأ الآفاق، وكان مراسلو وكالات الأنباء متواجدين وسامعين، وبالمناسبة فلم أسمع خلال الجنازة كلها هتافًا لغير حماس سوى مرة واحدة، هتف فيها بعضهم قائلاً (الله أكبر عاصفة)، والذين رددوا وراءه هم شباب حماس.

ثم مع أن التقرير احتوى مقابلة – مختصرة جدًّا مع د. عزيز الدويك، مع أن أبا هشام - حفظه الله – كان حريصًا على أن يكون كلامه وحدويًا، ليفوت الفرصة على الاحتلال الذي أراد باعتقال الشباب – أسأل الله لهم ولجميع الأحباب الفرج – أن يكون شرخًا آخر في النسيج الوطني الفلسطيني، فلم يهاجم في كلمته السلطة، وإنما حمّل كل المسؤولية للاحتلال.
وكذلك فلم يظهر في الصور التي حواها التقرير عن الجنازة أي حضور للنواب الإسلاميين، وقيادات الحركة الإسلامية، مع أن حضورهم كان واضحًا لكل من تواجد في التشييع، لتبدو الصورة وكأنهم غائبون عن المشاركة.

نحن لا نطالب مراسلي الجزيرة بإبراز السلبيات، كقيام عناصر الأمن (الفلسطيني ؟؟!!) باعتقال اثنين من الشباب لأن أحدهم هتف قائلاً (من الخليل تحية لإسماعيل هنية)، ولا تواجد عناصر الأمن المدججين بأسلحتهم وخوذاتهم داخل مسجد الشيخ علي البكّاء، وكأنهم في ساحة حرب، ولكننا نطالبهم عندما ينقلون صورة حدث أن يكونوا حياديين، فينقلوا الصورة من جميع زواياها.

إن هذه الممارسات المنحازة إعلاميًا قد تنطلي على البعيدين عن المشهد الفلسطيني، ولكن ثقي يا قناة الجزيرة أن آلاف الناس الذين شاركوا في الجنازة، سيقومون بإيضاح الصورة لعشرات الآلاف الآخرين من الذين لم يشاركوا، وسيكون المتضرر في الشارع الفلسطيني هو مصداقيتكم أنتم.

اللهم قد قلَّ الناصر، وعزَّ الظالم، وتكالبت علينا الأمم، ولا ملجأ لنا إلا إليك، ومن كنت معه يا مولانا فلا يضيره أن لا يكون معه سواك، فلا تكِلنا إلى أنفسنا ولا إلى أحد من خلقك، أنت حسبنا، ولا حول ولا قوة إلا بك.

بعد انحسار العاصفة

الآن وقد هدأت عاصفة الجدل حول الماراثون (المختلط) الذي نظمته جمعية تنظيم وحماية الأسرة في الخليل، ذلك الماراثون الذي استفز أهل هذه المدين...