هل نقول (فتح
الله لك) أم (عليك)؟
وجدت على صفحة بعض الأصدقاء منشورًا
يزعم أن استخدام تعبير (فتح الله عليك) لا ينبغي؛ لأن (فتح الله على ...) لم تأت إلا في سياق العذاب، وأن الصواب أن يقال
(فتح الله لك).
وقد أثار المنشور فيَّ الفضول
العلمي، فبحثت عن أصله، وهالني أني وجدته منتشرًا على صفحات الفيسبوك بشكل كبير،
ومنذ عدة سنوات، ويقوم بعض الأحباب والأفاضل بمشاركته ظانّين أنهم بذلك يدلّون
الناس على الخير والصواب والحق.
ولتبيان خطأ مضمون هذا المنشور، أقول
مستعينًا بالله سائلًا إياه أن يفتح عليَّ.
عبارة (فتح الله لك) و(فتح الله
عليك) تستخدمان أحيانًا بدلًا من بعضهما البعض، مما يدل على إفادتهما تفس المعنى
في بعض الأحيان.
ومن أمثلة ذلك:
** ما رواه البخاري وغيره عن أم سلمة لقالت: دخل عليَّ النبي ص، وعندي مخنث، فسمعته يقول
لعبد الله بن أبي أمية: يا عبد الله، أرأيت إن فتح الله عليكم
الطائف غدًا ... الخ
فقد ورد في روايات أخرى، عند البخاري
أيضًا، وعند غيره بلفظ (إن فتح الله لكم الطائف غدًا...)
*********
والتعبير بـ (فتح الله عليه)
وارد في كثير من الأحاديث الصحيحة، ومنها:
·
ما رواه
البخاري ومسلم من أن رسول الله ص كان يؤتى بالرجل المتوفى، عليه
الدين، فيسأل: (هل ترك لدينه فضلا؟)، فإن حُدّث أنه ترك لدينه وفاءً صلى، وإلا قال
للمسلمين: (صلوا على صاحبكم)، فلما فتح الله عليه الفتوح، قال: (أنا
أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينا، فعلي قضاؤه، ومن ترك
مالا فلورثته).
·
ما رواه
البخاري ومسلم أيضًا عن أبي هريرة قال: لما فتح الله على رسوله ص مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ..... الخ
وغير هذا كثير.
*********
والزعم بأن عبارة (فتح الله عليه) لم
ترد في القرآن إلا في باب العذاب فيها مغالطة.
فقد ورد هذا التعبير في عدة آيات
بمعانٍ إيجابية، منها:
** قوله تعالى
(وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ
إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ
لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) [البقرة: 76]
وقد قال الإمام الطبري في تفسيره (2/
254):
"وأصل (الفتح) في كلام العرب:
النصر والقضاء، والحكم. يقال منه: اللهم افتح بيني وبين فلان، أي احكم بيني وبينه
.... فإذ كان كذلك. فالذي هو أولى عندي بتأويل الآية قول من قال: معنى ذلك: أتحدثونهم
بما فتح الله عليكم من بعث محمد صلى الله عليه وسلم إلى خلقه؟"
وبالطب فإن بعث محمد ص نعمة
وليس نقمة.
** قوله تعالى
(فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ
شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً
فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) [الأنعام: 44]
وقد قال القرطبي في تفسيره (6/ 426):
"ومعنى (فتحنا عليهم أبواب
كل شيء) أي من النعم والخيرات، أي كثّرنا لهم ذلك. والتقدير عند أهل العربية:
فتحنا عليهم أبواب كل شيء كان مغلقًا عنهم.
** قوله تعالى
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ
بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا
فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [الأعراف: 96]
وقال الماتريدي في تفسيره (4/ 510):
"(لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ
بَرَكَاتٍ. . . .) الآية. أي: لأعطوا كل خير ينال من السماء والأرض، والبركة
ما ينال من كل خير على غير مؤنة، وقيل: البركة: كل شيء ينال بلا تبعة عليه ولا شدة".
** قوله تعالى
(وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا
فِيهِ يَعْرُجُونَ. لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ
مَسْحُورُونَ) [الحجر: 14، 15]
وقد قال ابن كثير في تفسيره (4/ 528):
"يخبر تعالى عن قوة كفرهم وعنادهم ومكابرتهم للحق: أنه لو فتح لهم بابا من
السماء، فجعلوا يصعدون فيه، لما صدقوا بذلك، بل قالوا: سكرت أبصارنا".
وقال الزمخشري في تفسيره (2/ 573):
"والمعنى أنّ هؤلاء المشركين بلغ من غلوهم في العناد: أن لو فتح لهم باب
من أبواب السماء، ويسر لهم معراج يصعدون فيه إليها، ورأوا من العيان ما رأوا،
لقالوا: هو شيء نتخايله لا حقيقة له، ولقالوا قد سحرنا محمد بذلك."
لاحظ هنا أن الزمخشري وابن كثير
فسّرا (لهم) بـ (عليهم) وهذا دلالة على جواز استخدام الكلمتين بمعنى واحد.
********
وقد استخدم العلماء هذا التعبير
أيضًا في كتبهم
** قال حاجي خليفة في (كشف الظنون عن
أسامي الكتب والفنون، 1/ 160) في تعريفه لكتب الأمالي:
"الأمالي، هو جمع الإملاء، وهو:
أن يقعد عالم، وحوله تلامذته بالمحابر، والقراطيس، فيتكلم العالم بما فتح
الله - سبحانه وتعالى - عليه من العلم، ويكتبه التلامذة، فيصير كتابا،
ويسمونه: الإملاء، والأمالي".
** وقال الإمام أبو شامة المقدسي
(المتوفى سنة 665 هـ) في كتابه (خطبة الكتاب المؤمل للرد إلى الأمر الأول) وهو في
أصول الفقه: "لم أزل منذ فتح الله عليَّ الاشتغال بعلم الشريعة...".
** وقال الإمام القُرافي المالكي
(المتوفى سنة 682 هـ) في كتابه (العقد المنظوم في الخصوص والعموم): "ولما عرض
لي هذا السؤال أقمت مدة طويلة من الزمان لا أجد له جوابا، وأنا أستشكله واستصعبه، وكذلك
جماعة من الفضلاء، حتى فتح الله (عليّ) بهذا الجواب وهذا الفرق،
فذكرته لهم، فأستحسنوه وسروا به".
** وقال الإمام ابن تيمية في (مجموع
الفتاوى، 2/ 452) في رسالة له إلى أحد العلماء: "من أحمد ابن تيمية: إلى
الشيخ العارف القدوة السالك الناسك أبي الفتح نصر فتح الله على باطنه وظاهره
ما فتح به على قلوب أوليائه ونصره على شياطين الإنس والجن في جهره وإخفائه
.."
** وقال الإمام ابن الجزري (المتوفى
سنة 833 هـ) في كتابه (النشر في القراءات العشر): "ولا زلت أستشكل هذا الحديث
وأفكر فيه وأمعن النظر من نيف وثلاثين سنة حتى فتح الله عليَّ بما يمكن أن
يكون صوابا إن شاء الله".
والهدف من هذه النقول بيان أن
العلماء كانوا يستخدمون عبارة (فتح الله عليّ) بمعنى إيجابي محمود.
نسأل الله أن يرينا الحق حقًّا
ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه.
19/3/2018
A 10cm long ceramic tube used to create a super-hot - Baojititanium.
ردحذفThe 동해 출장샵 first titanium wire was 당진 출장마사지 constructed by the Kshahir and in 1957, the 구리 출장마사지 Situs Judi and Togeludai Ratusi were 원주 출장샵 incorporated into the Togeludai Ratusi and Ratusi Togeludai