ما هي مراتب العلم؟
مراتب
العلم أربعة، وهي: اليقين، الظن، الشك، الوهم.
1.
فـ (اليقين): مرتبة يصل فيها العلم بالشيء إلى درجة لا
يدخل معه فيها أي شك البتة، أي أن نسبة قناعتك وتصديقك للمعلومة هي (100 %).
2.
أما (الظن): فهو أن يبلغ العلم بالشيء درجة راجحة،
ولكنها دون اليقين، أو بعبارة أخرى أن يكون إيمانك بالمعلومة فوق الـ (50%) ولكنه
دون الـ (100%).
وعليه فإن مراتب
الظن متفاوتة، فهناك ظنٌّ غالب، وهناك ما هو أدنى منه، فلو كانت لديك معلومة نسبة
تصديقك لها (95%) فهذا يسمى ظنٌّ راجح أو غالب، وهو يفيد طمأنينة القلب بدرجة
عالية، بينما لو كانت نسبة تصديقك لمعلومة أخرى (60%) فهو ظنٌّ في مرتبة دنيا، لا
يفيد طمأنينة القلب.
3.
وهناك (الشك): وهو مرتبة يكون فيه العلم بالشيء إثباتًا
ونفيًا بمرتبة واحدة، أي أن احتمال صدق المعلومة يساوي احتمال خطئها (50%) لكل
طرف.
4.
والمرتبة الأخيرة هي (الوهم) وهو عكس الظن، وهو كالظنّ
درجات، ويمكن أن نعتبر أن درجة الاطمئنان لصدق المعلومة فيه تتراوح بين (0%-49%).
هل يشترط لوجوب العمل
العلم اليقيني بالدليل؟
في الواقع
ليس بالإمكان الوصول إلى اليقين القطعي (المستفاد من التواتر) في كل الأخبار،
فالقطعيات قليلة بالنسبة للظنيات في الواقع.
وقد أوجب
الفقهاء العمل بما غلب على الظن صوابه فيما لا يمكن الوصول إلى اليقين فيه، وهي
قاعدة فقهية لا خلاف فيها، إذ العقلاء متفقون على تقديم الراجح على المرجوح، ولا
يشك عاقل أن ما يغلب على ظنه أرجح مما لا يغلب على ظنه، ومثاله: خائف أمامه طريقان
للهرب، يغلب على ظنه النجاة في أحدهما.
ودليل وجوب
اتباع غلبة الظن عند انعدام اليقين هو استقراء جزئيات الشريعة، فلا يصح الكلام في
هذه المسألة بأدلة جزئية؛ لأن كل دليل بانفراده يمكن الطعن فيه، ولكن مجموع الأدلة
الظنية يفيد اليقين في وجوب ذلك.
ومن تأمل
النصوص القرآنية، وأقوال النبي ص، وأحوال الصحابة وأقوالهم، لم يكد يشك في ذلك، إلا إن أتي من سوء فهمه،
وقد قال تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)[التغابن: 16]، وقال سبحانه (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا
وُسْعَهَا)[البقرة: 286].
ألا يعارض ذلك ما ورد في
النهي عن اتباع الظنّ؟
الآيات
التي ذمّت الأخذ بالظن، من مثل
1. قوله تعالى (وَمَا
يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ
الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ)[يونس: 36]
2. وقوله تعالى (إِنْ هِيَ
إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ
بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى
الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى) [النجم: 23].
3. وقوله سبحانه (وَمَا
لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ
لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) [النجم: 28]
هذه الآيات
وشبيهاتها تتحدث عن الظنّ عندما يكون في مقابل الحق واليقين. أما الظنّ عندما يكون
مقابله الشك أو الوهم، فالأخذ به متحتم لأنه أخذ بالراجح وترك للمرجوح.
فائدة
التوثق من
المعلومات غير مقتصر على السنة، بل هو ضروري في كل أمور الحياة، ومن أمثلة ذلك:
الطبيب عندما يقرر العلاج بناء على فحص مخبري، ومثله التاجر الذي يقرر فتح مشروع
أو تصنيع منتج بناء على دراسة جدوى، وكذلك السياسي الذي يتخذ موقفًا بناء على
تقارير إخبارية تصله، كل أولئك لا تكون قراراتهم صائبة إن لم يتوثقوا من
معلوماتهم، فإن عدموا اليقين اكتفوا بغلبة الظن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق