2011/01/08

جنازة القواسمي والتغطية المنحازة لقناة الجزيرة

عدت على المنزل أمس عند صلاة العشاء بعد يوم حافل، شاركت فيه أنا والإخوة النواب الإسلاميون في محافظة الخليل يرأسنا د. عزيز الدويك في جنازة الشهيد عمر سليم القواسمي الذي سقط على يد الغدر والخيانة خلال اعتقال المجاهد وائل البيطار، وكان واضحًا من مجريات الأحداث أن المقصود كان اغتيال البيطار، ولكن إرادة الله شاءت أن يكتب الشهادة للحاج عمر، ابن الـ 66 عامًا، وقمنا بعدها بزيارة تضامنية لبيوت الإخوة المجاهدين الذين أفرجت عنهم الأجهزة الأمنية واعتقلتهم بعدها بأقل من 12 ساعة سلطات الاحتلال، وقد حصلنا خلال هذه الزيارة على جرعة عالية من المعنويات، من آباء وأمهات هؤلاء المجاهدين الأبطال.

المهم، جلست لاستماع نشرة الأخبار، وكالعادة فمصدرنا الأول الذي نثق عادة بأخباره وحياديتها هو قناة الجزيرة، ولكنني – وللأسف – أصبت بحالة من الإحباط وارتفاع الضغط بسبب المستوى الذي وصل إليه انحياز مراسلي هذه القناة وانعدام حياديتهم، وهم يعملون في قناة شعارها (الرأي والرأي الآخر).

التقرير الذي أعدته شيرين أبو عاقلة حول جنازة الشهيد كان مضللاً بشكل كبير، وكان يحمل إيحاءات مقصودة، أظهرت الجنازة وكأن المشاركين فيها هم عناصر فتح، وكأن الشهيد محسوب على فتح.

لا أقول إن عناصر فتح لم يكونوا موجودين، فالنسيج الاجتماعي عندنا متشابك، والفتحاوي والحمساوي يعيشان في بيت واحد في كثير من الحالات، ولكن انظروا ما الذي حضر في التقرير المذكور وما الذي غاب:

ظهر في التقرير بعض الأشبال يحملون رايات فتح الصفراء، لعل عددهم كان لا يتجاوز العشرين من بين عدة آلاف من المشاركين، ثم ركز التقرير على (بوستر) للشهيد تنعاه فيه حركة فتح، وبالطبع فراياتنا الخضراء، رايات التوحيد كانت غائبة بالإكراه، كما يعرف الجميع بسبب ما نعانيه في الضفة، أما إمكانية أن يكون هناك (بوستر) للشهيد تنعاه فيه حركة حماس فهو أمر يعدّ قريبًا من المستحيل في وقت تشدد فيه الرقابة على كل المطابع لئلا تقع في هذه الجريمة النكراء، جريمة طباعة شيء لحماس.

ليس المنتقد إظهار صورة الرايات الصفراء والتركيز عليها، ولا إبراز البوستر الفتحاوي، فهي أشياء كانت حاضرة في الجنازة، ولكن الغريب من مراسلي قناة مستقلة غير محسوبة على فريق دون فريق أن لا يظهروا إلا جانبًا واحدًا مما كان في الجنازة في تقريرهم الإخباري.

منذ أن خرجت الجنازة من باب المسجد، كانت هتافات آلاف الشباب وهم يعلون أصواتهم ( الله غايتنا، والرسول قدوتنا ....)، وهم يهتفون لكتائب القسام ولحماس، تملأ الآفاق، وكان مراسلو وكالات الأنباء متواجدين وسامعين، وبالمناسبة فلم أسمع خلال الجنازة كلها هتافًا لغير حماس سوى مرة واحدة، هتف فيها بعضهم قائلاً (الله أكبر عاصفة)، والذين رددوا وراءه هم شباب حماس.

ثم مع أن التقرير احتوى مقابلة – مختصرة جدًّا مع د. عزيز الدويك، مع أن أبا هشام - حفظه الله – كان حريصًا على أن يكون كلامه وحدويًا، ليفوت الفرصة على الاحتلال الذي أراد باعتقال الشباب – أسأل الله لهم ولجميع الأحباب الفرج – أن يكون شرخًا آخر في النسيج الوطني الفلسطيني، فلم يهاجم في كلمته السلطة، وإنما حمّل كل المسؤولية للاحتلال.
وكذلك فلم يظهر في الصور التي حواها التقرير عن الجنازة أي حضور للنواب الإسلاميين، وقيادات الحركة الإسلامية، مع أن حضورهم كان واضحًا لكل من تواجد في التشييع، لتبدو الصورة وكأنهم غائبون عن المشاركة.

نحن لا نطالب مراسلي الجزيرة بإبراز السلبيات، كقيام عناصر الأمن (الفلسطيني ؟؟!!) باعتقال اثنين من الشباب لأن أحدهم هتف قائلاً (من الخليل تحية لإسماعيل هنية)، ولا تواجد عناصر الأمن المدججين بأسلحتهم وخوذاتهم داخل مسجد الشيخ علي البكّاء، وكأنهم في ساحة حرب، ولكننا نطالبهم عندما ينقلون صورة حدث أن يكونوا حياديين، فينقلوا الصورة من جميع زواياها.

إن هذه الممارسات المنحازة إعلاميًا قد تنطلي على البعيدين عن المشهد الفلسطيني، ولكن ثقي يا قناة الجزيرة أن آلاف الناس الذين شاركوا في الجنازة، سيقومون بإيضاح الصورة لعشرات الآلاف الآخرين من الذين لم يشاركوا، وسيكون المتضرر في الشارع الفلسطيني هو مصداقيتكم أنتم.

اللهم قد قلَّ الناصر، وعزَّ الظالم، وتكالبت علينا الأمم، ولا ملجأ لنا إلا إليك، ومن كنت معه يا مولانا فلا يضيره أن لا يكون معه سواك، فلا تكِلنا إلى أنفسنا ولا إلى أحد من خلقك، أنت حسبنا، ولا حول ولا قوة إلا بك.

بعد انحسار العاصفة

الآن وقد هدأت عاصفة الجدل حول الماراثون (المختلط) الذي نظمته جمعية تنظيم وحماية الأسرة في الخليل، ذلك الماراثون الذي استفز أهل هذه المدين...