الكتلة الإسلامية وانتخابات مجلس الطلبة
يحق لأبناء وبنات الكتل الإسلامية في جامعاتنا في الضفة المكلومة أن نقف لهم وقفة اعتزاز وافتخار، فهم يرفعون الراية في زمن يحاربهم فيه القريب والبعيد، ويزرعون في حقول الشوك الورود، وحالهم هو كما وصف رسولنا صلى الله عليه وسلم أنهم ( لا يجدون على الحق أعوانًا).
ورغم كثرة التحليلات المتعلقة بالانتخابات، ومنها ما قاله الناطق باسم فتح بأن فوز الشبيبة في هذه الانتخابات رسالة مدوية تثبت أن حركة فتح ما زالت تتمتع بثقة الغالبية العظمى من الجماهير الفلسطينية، وأن هذا الفوز بمثابة مبايعة لقائد الحركة ورئيس الشعب الفلسطيني ابو مازن، واستفتاء على منهج قائد الحركة وبرنامجها السياسي، وبالنسبة لفتح فهذه عادتها، تحميل الأمور أكثر مما تحتمل، والتعامي عن الحقائق، وأبرزها أن تحقيق الكتلة الإسلامية لهذه النتائج (المتواضعة) في ظل القمع البوليسي الذي تتعرض له والهجمة من قبل كل من سلطة عباس والاحتلال يعتبر انجازًا نوعيًا له ما بعده، فإن هذا ليس هذا ما يهمني من المسألة، فالذي يهمني هو موقفنا نحن من الانتخابات، وهنا لا بد من إبداء الملاحظات التالية، أوجهها لأبنائي في الكتل الإسلامية، عسى أن نعمل على تطوير الأداء وتجاوز الأخطاء:
أولًا: لم يكن هناك تزوير في هذه الانتخابات، بمعنى تغيير الصناديق، واقتراع غير ذوي الحق، والصيحات التي صدرت من البعض مدعية حصول ذلك لا أظنها تعبر عن الموقف الرسمي للكتلة الإسلامية، وإنما هي صيحات مكلومين حرَّكتهم عواطفهم الجياشة، وهالهم أن النصر الذي كانوا يرجونه لم يتحقق، وذلك نابع من عدم دراستهم للواقع الحقيقي، فانتصار الكتلة الإسلامية قد تحقق بمجرد مشاركتها في ظل هذه الظروف الأمنية والقمع البوليسي الذي يتعرض له أبناء التيار الإسلامي، وأنا هنا أوجه نداء لهؤلاء المخلصين أن لا يقعوا في هذا الفخ، فخ الاتهامات غير الواقعية، وغير المستندة إلى أدلة، لأن هذا يسيء إلينا أولاً وآخرًا.
ثانيًا: التزوير الحقيقي والفعلي للنتائج هو هذا الجو من الإرهاب الذي تمارسه السلطة ضد معارضيها، والذي يمنع الكثيرين من المشاركة والإدلاء بأصواتهم خوفًا من عواقب ذلك، وأنا متيقن أن الظرف الذي تعيشه الضفة المكلومة لو كان غير ما هو عليه لكانت النتائج مغايرة، وهذه رسالة يجب أن يدركها الإخوة الذين يفاوضون فتح حول المصالحة، مفادها لا تقعوا في فخ الموافقة على إجراء الانتخابات إلا إذا تهيأت ظروف الحرية اللازمة لذلك، وإلا فإن الانتخابات ستزور ليس بتغيير الصناديق واقتراع الموتى والغائبين، وإنما بتزوير الإرادات، ودفع مؤيدينا لعدم الاقتراع خوفًا على أنفسهم ومصالحهم.
ثالثًا: نحن بحاجة إلى نقد ذاتي، ودراسة لما حدث، واستخلاص للعبر منه، فهل كان أداؤنا كما يجب أن يكون؟؟؟ هل مارسنا الدعاية بالطريقة التي تحقق جلاء الصورة وتوضيح الحقيقة؟؟؟ وخصوصًا مع حملة التشويه المستمرة من سنوات، والتي جعلت قطاعًا واسعًا من أبنائنا وبناتنا لا يعرفون عن التيار الإسلامي إلا ما يسمعونه من سلبيات، فهم لم يشاهدوا أبناء هذا التيار على أرض الواقع لأنهم غائبون أو مغيبون، والمطلوب جهد مضاعف لجلاء الحقائق.
إنها دعوة أوجهها لأبنائنا وبناتنا في الكتلة الإسلامية أقول لهم فيها إن النتائج المتواضعة التي حصلتم عليها، رغم أنها إنجاز مقبول في ظل ظروفكم التي تعيشونها إلا أنها يجب أن تطرح السؤال الذي يجب عليكم مناقشته: هل لم يكن بالإمكان أفضل مما كان؟؟؟
الفشل في الإنجاز له أسباب خارجية وداخلية، ومن الخطأ الشنيع أن نركز على الأسباب الخارجية التي ليس بيدنا تغييرها، لأن ذلك سيدفعنا لليأس والقعود، والمهم بعد إدراكنا لعوامل الإعاقة الخارجية أن نقف مع ذواتنا وقفة نقيم من خلالها أداءنا، ونتعرف على أخطائنا وعثراتنا، فنحن لسنا معصومين، والخطأ وارد، ولا تظنوا أنني أحملكم وحدكم مسؤوليته، فكلنا شركاء فيه، ولكم عذر في أنكم تعملون بدون الاستفادة من تجارب سابقيكم في كثير من الأحيان، ولكن تذكروا أن مراجعة الذات وتقويم الأداء من أهم عناصر التطور وتجاوز الأخطاء في المستقبل.
أسأل الله أن يوفقكم للخير، ويسددكم للصواب، وأن يرفع بأيديكم راية الإسلام خفاقة في كل مكان.
(نشرت بتاريخ 20/4/2013 على صفحتي في الـ Facebook )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق