2010/06/17

محطات على طريق الغباء


محطات على طريق الغباء
التعامل الصهيوني الغبي مع قضية "أسطول الحرية"، وما نتج عنه من ردود فعل على الساحات الشعبية والحكومية، العربية والإسلامية والغربية، لم يكن أول تصرف غبيٍّ يمارسه الاحتلال الصهيوني خلال مسيرة الصراع مع شعبنا الفلسطيني عمومًا، ومع الحركة الإسلامية المقاومة على وجه الخصوص.
ونحن على يقين من أن الله – سبحانه - عندما يريد إمضاء أمر فانه يهيئ له الظروف المناسبة من كل النواحي، ومن الأمور التي يهيئها الله أن يسلب من ذوي الألباب عقولهم فيجعلهم يتخبطون خبط عشواء، فتأتي النتائج عكس تقديراتهم التي يريدون.
وفي مسيرة الصراع مع الاحتلال وقع في مطبات أقل ما توصف أنها غباء مطلق ناتج عن الجهل بالآخر وبحركة التاريخ.
وباختصار سأشير إلى بعض محطات الغباء هذه عبر مسيرة الصراع بيننا وبين الاحتلال.
• منذ بدأ استئناف النشاط الإسلامي في فلسطين _ منتصف السبعينيات من القرن الماضي - نشأ في وضع لم يكن فيه مستهدفًا من قبل الاحتلال، الذي لم يدرك طبيعة هذا الدين ولا حقيقة هذه الحركة التي بدأت دعوية اجتماعية صرفة، ولذلك كان الصراع الوحيد لها على الساحة مع الآخر الفلسطيني المخالف، وتوفرت لها فرصة تنشئة الجيل الأول بأريحيةٍ وتركيزٍ ظهر أثرهما لاحقًا.
• وبعدها، بعد سنة 1987، عندما بدأت الانتفاضة، قرر الاحتلال تجاهل هذه الحركة الصاعدة من باب "فخار يكسر بعضه" ولإيجاد منافس للحركات الوطنية العلمانية واليسارية والتي كان الاحتلال يظنها تشكل خطراً استراتيجيًّا على الكيان الصهيوني بسبب تاريخها المقاوم، فأتاحوا للحركة أن تمتد أفقيًا وعموديًا وترسِّخ وجودها في ظل ملاحقة لم تكن حثيثة، بل في ظل غض الطرف عن النشاطات الاجتماعية والدعوية التي شكلت الرافد الأساس للعمل المقاوم لاحقًا.
• وعندما فطن الأغبياء إلى أنهم سمحوا بخروج المارد من قمقمه، وهالهم ما فعلوه بأنفسهم شحذوا سيوفهم وسنُّوا رماحهم لمحاربته، فكان أن قاموا بحملات اعتقالات جماعية ختموها في تلك الفترة بإبعاد ثلة مباركة من أبناء الحركة المجاهدة إلى مرج الزهور، هذا الإبعاد الذي كان محطة سمحت للعالم كله أن يتعرف على هذه الحركة وسخر لها وسائل الإعلام العالمية لنقل رؤاها، وجعل العالم الإسلامي يلتف حولها، ويعلم - ربما لأول مرة - أن في فلسطين إسلاميين يقاومون.
• وعندما جاءت مرحلة "أوسلو" كان المفترض أن يعطي الأغبياء لمن وقَّعوا معهم الاتفاق انجازات يستطيعون من خلالها إقناع الشعب بصوابية منهجهم، ولكن الممارسة الواقعية كانت إرسال رسائل كلها ذات مضمون واحد: "نهج أوسلو لم ولن يحقق أيًّا من أهدافه، فالاستيطان مستمر، والإذلال لم ينقطع، والأمل بتحقيق حلم الدولة يذوي، ولا ينفع طريق التصالح في جلب الحقوق.
• بعدها، وعندما أصبحت الحركة الإسلامية مستعدة للخوض في تجربة الديمقراطية لإثبات أنها الرقم الأصعب في المعادلة الفلسطينية، جرت الانتخابات التي حرص عليها الجميع وعلى مشاركة الحركة الإسلامية فيها وراهنوا عليها، وكان هدفهم أن يورطوا الحركة ويظهروها كأقلية في الشارع الفلسطيني، وخصوصًا أن مراكز استطلاع الرأي خاصتهم شاركت في إيقاعهم في هذا الشَّرَك، فكانت المفاجأة التي لم يكن حسابها محسوبًا عندهم، وهي الفوز الساحق للحركة الإسلامية.
• وبعد تشكيل الحكومة وفرض الحصار عليها، كانت ممارستهم واضحة الغباء، فهم يستفزون الشعب، ويريدون منه أن ينقاد إلى القيادة التي نبذها، القيادة التي سارت في ركب الانبطاح والاستسلام والخنوع، وكان كل فعل وكل قول يصدر عن أمريكا وإسرائيل يصب في خانة استفزاز من لديه بقية من كرامة وحرية وعزة نفس لينتقل إلى مربع التأييد للحركة التي تُحارَب من قِبَل أمريكا وإسرائيل.
• وقبل أن يأخذ الحصار بخناقنا - كحركة وكشعب - ألقى الاحتلال إلينا طوق النجاة عندما قام باعتقال وزراء ونواب الحركة في الضفة بعد أسر الجندي الإسرائيلي "شاليط" فصار الناس متعاطفين أكثر مع هذه الحركة التي تحارَب قياداتُها، وصارت مسؤولية الحصار وقطع الرواتب كلها ملقاة على عاتق الاحتلال والاحتلال وحده.
• وعندما جاءت ممارسات الأجهزة التي يوجهها "دايتون"، وبدلاً من أن يتم فرض رخاء اقتصادي وأمني في الضفة الغربية يقنع عوامَّ الناس بصوابية الطرح الإسراأمريكي، صار التضييق على الناس، واستهدف الأخيار في المجتمع الفلسطيني بطريقه فظة، وانتشرت أخبار ممارسات التعذيب، واتضح للناس كلهم التكامل في العمل الأمني بين الاحتلال وأعوانه، مما جعل كثيرًا من الناس يتعاطفون مع هذه الحركة المضطهدة.
• وقبل ذلك، عندما قرر الاحتلال اغتيال الإمام الشهيد "أحمد ياسين" رحمه الله، والذي كان مريضًا قد جاوز الستين، وبدل أن يلجؤوا إلى التخلص منه بطريقة تظهر موته طبيعيًّا، وهو ما كان متوقعًا لرجلٍ في مثل عمره ووضعه الصحي، أبى الأغبياء أن يختموا صفحة حياته المشرقة إلا بصورة لن تمحى من ذاكرة التاريخ، صورة الشيخ القعيد المريض الصائم الخارج من صلاة الفجر من المسجد والصواريخ تستهدفه، صورةٌ أثارت العالم، وحشدت للحركة من التأييد ما لا يكفيه عمل سنوات طوال من الجهد الإعلامي المركَّز، اختُزِل في صورة واحدة، صورة كرسي الشيخ - رحمه الله - بعد القصف، مع الكلمات التي كان يرددها: "أملي أن يرضى الله عني".
• وبعدها جاءت المعركة على غزة وأديرت بطريقة جعلت كل الناس يدركون أنه حتى لو لم تنتصر الحركة في تلك المعركة، فإنها لم تُهْزَم، وإسرائيل لم تنتصر بإجماع الآراء، لأنها لم تحقق أيًّا من أهدافها.
هذه بعض المحطات على طريق الغباء الصهيوني، وهي لن تكون آخر تصرفاتهم الغبية والتي ستودي بهم، لم تأت بفضل جهدنا أو عقلنا بل هو "مكر الله" و"مخادعته" للكافرين.
وفي الطريق محطات أخرى لم أقم باستقصائها، ولكن أردت ضرب المثال، ولله الحمد على كل حال.

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف20 يونيو, 2010

    يبدو بان بنيامين نتنياهو له نصيب الاسد من الغباء الذي تقع فيه الصهيونية مع الحركة الاسلامية وعلى ما يبدو فان نتنياهو مضطر للجوء الى الحجابات والعرافات من اجل ان يفك العمل المعمول له مع حماس فقديما قام بمحاولة اغتيال خالد مشعل وكانت نتيجتها الافراج عن الشيخ احمد ياسين وحاليا قام باغتيال المبحوح فكانت فضيحة مدوية للكيان وهيبة الموساد واخيرا تعامله الغبي مع اسطول الحرية الا يدل ذلك على ان نتنياهو معمول له عمل مع حماس.

    ردحذف

بعد انحسار العاصفة

الآن وقد هدأت عاصفة الجدل حول الماراثون (المختلط) الذي نظمته جمعية تنظيم وحماية الأسرة في الخليل، ذلك الماراثون الذي استفز أهل هذه المدين...