2010/07/04

صبرًا أبا مصعب فالموعد الجنة


ما أزال أذكر تلك الرؤيا التي حدثني عنها أخي الكبير الحبيب شيخ المجاهدين النائب محمد أبو طير أيام كنا معًا نرسف في قيودنا في سجن الرملة بعد اختطافنا سنة 2006، أيامها أخبرني أبو مصعب أنه رأى نفسه في المنام وهو شاب صغير يسير في طريق طويل مظلم، وفي نهاية ذلك الطريق كان يقف الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فناداه وقال له: أنا في انتظارك، كان أبو مصعب يدرك منذ رأى تلك الرؤيا أن الطريق الذي يسير فيه طريق شاق مصاعبه جمّة، ولكن نهايته فيها رفقة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولذلك كان يشعر بالرضى رغم آلام القيد والأسر، وكان ثابتًا على طريق الجهاد والصبر رغم كل المصاعب، لم تنل من عزيمته السنوات الثلاثون التي قضاها خلف قضبان السجون، ولم تنحن هامته أمام المحن المتلاحقة، ولم تنكسر إرادته أمام أعتى العواصف.
أبو مصعب جبل شامخ، أمضى نحو نصف حياته أسيرًا في سجون الاحتلال، ورغم أنه شارف على الستين إلا أنك عندما تراه تشعر أنك أمام شاب في ريعان الشباب، وإذا عشت معه لا تملك إلا أن تحبه، وحتى لو اختلفت معه فلا يمكنك إلا أن تحترمه، وهذه المشاعر تجاه الشيخ المجاهد أبي مصعب لم تكن تقتصر على أسرى حماس فحسب، بل كان يشترك فيها الأسرى من كل أطياف الشعب الفلسطيني، كانت كلمة أبي مصعب ونحن في السجن محترمة عند كل الأسرى سواء فيهم من انتمى إلى فتح ومن انتمى إلى حماس، ذلك أن الرجل كان ولا يزال أنموذجًا للتضحية، وكان الكل في قلاع الاسر ينظرون إليه نطرتهم إلى أبٍ حنون أو إلى أخ كبير.
أبو مصعب يترك وهو صامت من الأثر في من حوله ما لا يستطيعه البلغاء، فيكفي أن تراه بلحيته البرتقالية لتستحضر في ذهنك تاريخًا من الصبر والصمود، لتقتنع أن القضية التي يحمل لواءها أمثال هذا الشيخ لا يمكن إلا أن تنتصر، ولعل ذلك بالضبط هو ما أغاظ الصهاينة منه، ودفعهم لمحاولة إبعاده عن القدس التي عشقها عشقًا لا توجد كلمات تكفي للتعبير عنه، لأنهم لا يطيقون أن يرى أهل القدس بينهم أنموذجًا يحثهم على الصبر والثبات في مدينتهم المقدسة.
ويعود الاحتلال ليعتقل الشيخ المجاهد ولما يمض على خروجه من السجن الذي أمضى فيه أربع سنوات في المرة الأخيرة سوى نحو الشهر، ومع ذلك فإنك تراه وهو يُقاد إلى المحكمة وبسمته لا تفارق محياه، تراه وهو شامخ شموخ العمالقة وآسروه حوله كالأقزام، إنه الرضى الذي يُكرم الله به عباده الذين يحبهم، "رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ".
وفي غمرة هذه الأحداث تضيع كل تلك الوعود التي سمعناها في الأيام الأخيرة حول حلٍّ لقضية إبعاد الشيخ أبي مصعب وأخوانه النائبان المجاهدان محمد طوطح وأحمد عطون والوزير خالد أبو عرفة، وتضيع معها تطمينات "أبي مازن" وتدخلات "ميتشل"، وتظهر الأمور على حقيقتها، فهل يعتبر إخواننا السائرون في طريق المفاوضات ويدركون أن الصهاينة لا يريدون من هذه المفاوضات إلا تخدير شعبنا والتدليس على العالم كله، أم أنهم مدركون لذلك ومع ذلك يتمسكون بخيارهم الوحيد هذا!! لغايات في أنفسهم؟
أما أنتم يا إخواني الأحباب أبا مصعب وأبا محمد وأبا مجاهد وأبا معاذ فأقول لكم:"مهما طال الطريق فإن له نهاية، وما دمنا مع الله فالنصر آت لا محالة، فصبرًا فإن الموعد الجنة".

هناك تعليقان (2):

  1. غير معرف04 يوليو, 2010

    جزاك الله خيرا أبا خيري على هذه الكلمات الرائعة
    وأسأل الله العلي القدير أن يفك أسر الشيخ وإخوانه في القريب العاجل

    ردحذف
  2. غير معرف05 يوليو, 2010

    طريق مظلم نهايته لقاء الحبيب السير فيه ممتع لمن يستشعر النهاية

    ردحذف

بعد انحسار العاصفة

الآن وقد هدأت عاصفة الجدل حول الماراثون (المختلط) الذي نظمته جمعية تنظيم وحماية الأسرة في الخليل، ذلك الماراثون الذي استفز أهل هذه المدين...